responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 18
[53]

[سُورَة فصلت (41) : آيَة 53]
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (53)
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ.
أَعْقَبَ اللَّهُ أَمر رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَقُولَ لِلْمُشْرِكِينَ مَا فِيهِ تَخْوِيفُهُمْ مِنْ عَوَاقِبِ الشِّقَاقِ عَلَى تَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ الْقُرْآنُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَهُمْ قَدْ كَفَرُوا بِهِ إِلَى آخِرِ مَا قُرِّرَ آنِفًا، بِأَنْ وعد رَسُوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى سَبِيلِ التَّسْلِيَةِ وَالْبِشَارَةِ بِأَنَّ اللَّهَ سَيَغْمُرُ الْمُشْرِكِينَ بِطَائِفَةٍ مِنْ آيَاتِهِ مَا يَتَبَيَّنُونَ بِهِ أَنَّ الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ حَقًّا فَلَا يَسَعُهُمْ إِلَّا الْإِيمَانُ بِهِ، أَيْ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ بَيِّنٌ غَيْرُ مُحْتَاجٍ إِلَى اعْتِرَافِهِمْ بِحَقِّيَّتِهِ، وَسَتَظْهَرُ دَلَائِلُ حَقِّيَّتِهِ فِي الْآفَاقِ الْبَعِيدَةِ عَنْهُمْ وَفِي قَبِيلَتِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَتَتَظَاهَرُ الدَّلَائِلُ عَلَى أَنَّهُ الْحَقُّ فَلَا يَجِدُوا إِلَى إِنْكَارِهَا سَبِيلًا، وَالْمُرَادُ: أَنَّهُمْ يُؤْمِنُونَ بِهِ يَوْمَئِذٍ مَعَ جَمِيعِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ. وَفِي هَذَا الْوَعْد للرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَعْرِيضٌ بِهِمْ إِذْ يَسْمَعُونَهُ عَلَى طَرِيقَةِ: فَاسْمَعِي يَا جَارَةُ.
فَمَوْقِعُ هَذِهِ الْجُمْلَةِ بِصَرِيحِهَا وَتَعْرِيضِهَا مِنَ الْجُمْلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا مَوْقِعُ التَّعْلِيلِ لأمر الرّسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَنْ يَقُولَ لَهُمْ مَا أُمِرَ بِهِ، وَالتَّعْلِيلُ رَاجِعٌ إِلَى إِحَالَتِهِمْ عَلَى تَشْكِيكِهِمْ فِي مَوْقِفِهِمْ لِلطَّعْنِ فِي الْقُرْآنِ. وَقَدْ سَكَتَ عَمَّا يَتَرَتَّبُ عَلَى ظُهُورِ الْآيَاتِ فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمُ الْمُبَيِّنَةِ أَنَّ الْقُرْآنَ حَقٌّ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ مِنْ قَوْلِهِ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ كانَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ ثُمَّ كَفَرْتُمْ بِهِ مَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ هُوَ فِي شِقاقٍ بَعِيدٍ
[فصلت: 52] ينبىء عَنْ تَقْدِيرِهِ، أَيْ لَا يَسَعُهُمْ إِلَّا
الْإِيمَانُ بِأَنَّهُ حَقٌّ فَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ شَاكًّا مِنْ قَبْلُ عَنْ قِلَّةِ تَبَصُّرٍ حَصَلَ لَهُ الْعِلْمُ بَعْدَ ذَلِكَ، وَمَنْ كَانَ إِنَّمَا يَكْفُرُ عِنَادًا وَاحْتِفَاظًا بِالسِّيَادَةِ افْتَضَحَ بُهْتَانُهُ وَسَفَّهَهُ جِيرَانُهُ. وَكِلَاهُمَا قَدْ أَفَاتَ بِتَأْخِيرِ الْإِيمَانِ خَيْرًا عَظِيمًا مِنْ خَيْرِ الْآخِرَةِ بِمَا أَضَاعَهُ مِنْ تَزَوُّدِ ثَوَابٍ فِي مُدَّةِ كُفْرِهِ وَمِنْ خَيْرِ الدُّنْيَا بِمَا فَاتَهُ مِنْ شَرَفِ السَّبْقِ بِالْإِيمَانِ وَالْهِجْرَةِ كَمَا قَالَ تَعَالَى: لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنى [الْحَدِيد: 10] .
وَفِي هَذِهِ الْآيَةِ طَرَفٌ مِنَ الْإِعْجَازِ بِالْإِخْبَارِ عَنِ الْغَيْبِ إِذْ أَخْبَرَتْ بِالْوَعْدِ

نام کتاب : التحرير والتنوير نویسنده : ابن عاشور    جلد : 25  صفحه : 18
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست